الضرر في نظام المعاملات المدنية السعودي. ما هو ؟ و ما أنواعه ؟ و ما التعويض المترتب عليه ...!
- عبد العزيز عبد الرحمن النذير

- 21 يوليو
- 3 دقيقة قراءة
تاريخ التحديث: 2 أغسطس

يعتبر الضرر أحد الأركان الأساسية للمسؤولية المدنية في نظام المعاملات المدنية السعودي، الذي صدر بالمرسوم الملكي رقم (م/191) وتاريخ 26 /12 /1444هـ. يهدف النظام إلى تحقيق العدالة وجبر الضرر الذي يلحق بالأفراد نتيجة أفعال غير مشروعة أو مخالفة للقانون.
تعريف الضرر في النظام:
نصت المادة (137) من نظام المعاملات المدنية على أن: "يتحدد الضرر الذي يلتزم المسؤول بالتعويض عنه بقدر ما لحق المتضرر من خسارةٍ وما فاته من كسب، إذا كان ذلك نتيجةً طبيعيةً للفعل الضار. ويعد كذلك إذا لم يكن في مقدور المتضرر تفاديه ببذل الجهد المعقول الذي تقتضيه ظروف الحال من الشخص المعتاد."
من هذا التعريف، يتضح أن الضرر يشمل عنصرين أساسيين:
الخسارة التي لحقت بالمتضرر (الضرر المادي المباشر): وهو ما نقص من ذمة المتضرر المالية فعلاً.
ما فاته من كسب (الضرر المادي غير المباشر أو الكسب الفائت): وهو ما كان من المتوقع أن يحصل عليه المتضرر لولا وقوع الفعل الضار.
ويشترط أن يكون هذا الضرر نتيجة طبيعية للفعل الضار، أي أن يكون هناك علاقة سببية مباشرة بين الفعل والضرر. كما يضع النظام معيار "الجهد المعقول" للمتضرر في محاولة تفادي الضرر.
أنواع الضرر في نظام المعاملات المدنية:
يقسم النظام الضرر بشكل أساسي إلى نوعين رئيسيين:
الضرر المادي: يشمل الخسائر المالية الملموسة التي تلحق بالشخص. وينقسم بدوره إلى:
الخسارة اللاحقة (الضرر الفعلي): مثل تلف الممتلكات، تكاليف العلاج، تكاليف الإصلاح، أو أي نفقات إضافية تكبدها المتضرر بسبب الفعل الضار.
الكسب الفائت: وهو ما فقده المتضرر من أرباح أو مكاسب كان سيحققها لو لم يقع الضرر، مثل خسارة الدخل الناتج عن عدم القدرة على العمل بسبب الإصابة، أو خسارة أرباح صفقة كانت على وشك الإتمام.
الضرر المعنوي (الأدبي/النفسي): نصت المادة (138) من نظام المعاملات المدنية على أن: "يشمل التعويضُ عن الفعل الضار التعويضَ عن الضرر المعنوي. وما يشمل هذا الضرر المعنوي؟ يشمل الضرر المعنوي ما يلحق الشخص الطبيعي من أذى حسيٍّ أو نفسيٍّ، نتيجة المساس بجسمه أو بحريته، أو بعرضه، أو بسمعته، أو بمركزه الاجتماعي."
وهو ضرر غير مالي يصيب الجانب النفسي أو المعنوي للشخص. أمثلة على الضرر المعنوي:
الألم والمعاناة الناتجة عن الإصابات الجسدية.
التشوه الناتج عن حادث.
المساس بالشرف أو السمعة (القذف، السب).
التعرض للضغوط النفسية أو الاضطرابات العقلية نتيجة الفعل الضار.
فقدان شخص عزيز.
يتم تقدير التعويض عن الضرر المعنوي من قبل المحكمة، وتراعي في ذلك نوع الضرر المعنوي وطبيعته وشخص المتضرر (فقد يختلف تأثير الضرر المعنوي من شخص لآخر).
أركان التعويض عن الضرر (المسؤولية التقصيرية):
للحكم بالتعويض عن الضرر، يجب توفر ثلاثة أركان أساسية (كما نصت عليها المادة 120 من النظام):
الخطأ (التعدي): وهو إخلال بواجب قانوني أو شرعي، أو ارتكاب فعل لا يجيزه النظام أو الشرع، أو إهمال في واجب العناية. قد يكون الخطأ عمديًا أو ناتجًا عن إهمال أو تقصير.
الضرر: وهو ما لحق بالمتضرر من خسارة أو ما فاته من كسب، سواء كان ماديًا أو معنويًا، ويجب أن يكون الضرر محققًا (واقعًا بالفعل أو مؤكد الوقوع في المستقبل)، وليس مجرد ضرر محتمل. وأن يكون قد مس مصلحة مشروعة للمتضرر.
العلاقة السببية: يجب أن تكون هناك علاقة مباشرة وواضحة بين الخطأ الذي ارتكبه الفاعل والضرر الذي لحق بالمتضرر. بمعنى أن يكون الضرر نتيجة مباشرة ومحتمة للخطأ، وأنه لولا هذا الخطأ لما وقع الضرر.
تقدير التعويض عن الضرر:
يُقدر التعويض عن الضرر بالنقد في الأصل.
يجوز للمحكمة -تبعًا للظروف وبناءً على طلب المتضرر- أن تقضي بالتعويض بالمثل، أو بإعادة الحال إلى ما كانت عليه، أو أن تقضي بأمر معين متصل بالفعل الضار (المادة 138 من النظام).
في تقدير التعويض، تُراعى جميع الظروف المحيطة بالواقعة والضرر وأثر ذلك على المتضرر.
إذا تعدد المسؤولون عن الفعل الضار، كانوا متضامنين في التزامهم بالتعويض.
إذا اشترك المتضرر بخطئه في إحداث الضرر أو زاد فيه، سقط حقه أو بعض حقه في التعويض، وذلك بنسبة اشتراكه فيه.
باختصار، يضع نظام المعاملات المدنية السعودي إطارًا شاملًا للتعامل مع الضرر، سواء كان ماديًا أو معنويًا، ويحدد أركان المسؤولية وشروط التعويض لضمان جبر الأضرار وتحقيق العدالة للمتضررين.

تعليقات